سواريز في الطريق الصحيح لتسلم تاج هدافي أوروبا

يوماً بعد آخر يثبت الأوروغوياني لويس سواريز هداف ليفربول الإنكليزي أنّ تمسّك إدارة فريقه فيه بشتى الطرق في الموسم المنصرم كان قراراً ناجحاً بكلّ المقاييس بعد أن غدا صاحب أعلى معدل تهديفي (تبعاً لعدد الدقائق التي لعبها) بمعظم الدوريات المنضوية تحت مظلة الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ليسير في الطريق الصحيح لتسلم تاج هدافي أوروبا ويصبح ملكاً على مهاجميها.

سواريز بتسجيله هدفين يوم أمس أمام مضيفه توتنهام (5-0) رفع رصيده إلى 17 هدفاً في الدوري الإنكليزي الممتاز ليعادل رقم البرتغالي كريستيانو رونالدو لاعب ريال مدريد الإسباني ودييغو كوستا نجم أتلتيكو مدريد ويتفوّق على آلاف اللاعبين الذين ينشطون في الدوريات الأوروبية، ويدخل بقوة على صراع الحذاء الذهبي الذي يمنح لأكثر اللاعبين تسجيلاً في هذه الدوريات.

لم يكن قرار برندن رودجرز بتسليم شارة القيادة للنجم الأوروغوياني في لقاء توتنهام أمس مبرراً بأيّ شكلٍ من الأشكال لولا تخلي صاحب الـ26 عاماً عن مشاكسته المعهودة وإظهاره قدراً أكبر من الانضباط داخل الملعب وخارجه هذا الموسم.

فاللاعب الذي حالفه الحظ بإصابة ستيفن جيرارد وعدم ثبات مستوى الدنماركي دانيال آغر نال حقّه هذه المرة ليكون قائد ليفربول الأول في لقاء توتنهام الذي آلت نتيجته للريدز بخماسية بيضاء، وهو شرفٌ لا يعطى لأيّ لاعب يرتدي زي زعيم إنكلترا لسنوات قليلة (هذا رابع موسم لسواريز مع ليفربول).

سواريز أكمل ما بدأه هذا الموسم من انضباط أخلاقي وتألق فني فلم يخيب وجهة نظر مدربه وصنع ثلاثة أهداف وسجّل اثنين فكان قائداً حقيقياً على أرض الملعب إثر صبره على مضايقات لاعبي توتنهام البدنية ومحاولات استفزازه المستمرة، إلا أنّ ما عاب القائد الجديد تأنيبه القاسي لبعض زملائه في أوقاتٍ مختلفة من اللقاء.

النجم اللاتيني عادل رقم رونالدو في تسجيل الأهداف ولكنه وبعد تأمل مجموعة من التفاصيل الدقيقة نجده متفوقاً على البرتغالي المرشح لجائزة أفضل لاعب في العالم هذا الموسم.

ولم يحتج سواريز سوى لـ989 دقيقة لتسجيل أهدافه السبعة عشر بمعدل هدف في أقل من ساعة تقريباً (58.17) فيما احتاج رونالدو لـ1314 دقيقة بمعدل هدف كل 77.29 دقيقة، كما أنّ الأوروغوياني لم يُشرف على تسديد ركلات الجزاء التي أتيحت لفريقه في حين أضاف رونالدو لرصيده خمسة أهداف من علامة الجزاء، كما أنّ الأول لم يشترك في الخمس مباريات الأولى مع فريقه لعقوبة تأديبية من الاتحاد الإنكليزي وهو ما قد يؤثر فنياً وبدنياً على أيّ لاعب نظراً لإمكانية تأخره بالدخول في الأجواء التنافسية.

ولا يمكننا إغفال قوة أندية الدوري الإنكليزي مقارنة بالإسباني هذا بالإضافة إلى القيمة المادية إن لم تكن الفنية التي تعدّ عاملاً أكثر مساعدةً لرونالدو الذي يزامل لاعبين أكثر قدراً وقيمةً على أرض الميدان من رفقاء سواريز وهي نقطة تحسب للأخير.

دخل سواريز بجدية في صراع المنافسة على جائزة الحذاء الذهبي التي تذهب لأكثر لاعب تهديفاً في الدوريات الأوروبية، فوفقاً للمعايير المتبعة التي تمنح نقطتين لكل هدف يسجل في الدوريات الخمسة الكبرى (إنكلترا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا والبرتغال)، فإنّ سواريز يتصدر القائمة برفقة رونالدو والإسباني دييغو كوستا (دخل الصراع يوم أمس بتسجيله هدفين ووصوله للهدف السابع عشر)، كما أنّه سجّل كمّاً من الأهداف لم يسجله أيّ متصدر للائحة الهدافين في أكثر من ثلاثين مسابقة أوروبية جارية حالياً.

وعلى صعيد الدوريات الخمسة الكبرى التي يعدّ المسجلين فيها أكثر أهمية من غيرهم (يمنح نقطة ونصف عن كل هدف في الدوريات ذات التصنيف الثاني) يتصدر سواريز ورونالدو وكوستا المشهد بذات الرصيد من الأهداف لكن بعض المعايير الحسابية تؤكّد أنّ ما قدمه الأول أكثر أهمية من منافسيه.

لم يترك لاعب أياكس الهولندي السابق أيّ طريقة معتادة إلا واستخدمها بتسجيل أهدافه فسجّل بكلتي قدميه وبرأسه ومن خارج منطقة الجزاء ومن داخلها ونجح في ترجمة انفراده بحراس المرمى، وفي ابتكار طرق غير مألوفة لإيداع كراته بالشباك.

وتوزعت أهداف لويس على الدقائق التسعين فسجّل في كافة الأوقات باستثناء الدقائق من 1 إلى 10 ومن 40 إلى 50 ومن 60 إلى 70 وفي الوقت الضائع، ولعلّ الملفت أنّ معظم أهدافه سجلت ما بين الدقائق 10 إلى 20 (35%) وما بين 80 إلى 90 (24%) وهو ما يعني حاجته للدقائق العشر الأولى ليدخل أجواء اللقاء والحفاظ على تركيزه في الدقائق الأخيرة.

وكانت لهذه الأهداف لغة الحسم في أكثر من مناسبة فأسهم فيها بفوز ليفربول سبع مرات وتعادله مرة، وأوصلتنا إلى نتيجة تؤكّد عدم خسارة ليفربول عندما يسجل الأوروغوياني هذا الموسم، كما تنوعت كمية هذه الأهداف ما بين رباعية وثلاثية و(ثنائية أربع مرات) وهدف في مباراتين فقط، فسجّل في ثماني مباريات وعجز عن ذلك في ثلاثة.

مفارقات نجم ليفربول لم تتوقف فيكفي أن نتأمل بأنّ أهدافه السبعة عشر تعادل ما لم تتمكن من تسجيله نصف أندية الدوري الإنكليزي وما يدنو من نصف أهداف فريقه (17 من 39) وأكثر من نصف الأهداف التي سجلتها الأندية المتبقية (باستثناء مانشستر سيتي) علماً أنّ ليفربول ثاني أكثر أندية الدوري الإنكليزي تهديفاً بعد السيتي.

وتسبق أهداف قائد ليفربول الجديد ما سجلته أندية كريستال بالاس (11) كارديف وسندرلاند (12)، ووستهام وهال سيتي (13) وتوتنهام وستوك سيتي ونوريتش وفولهام (15)، وأستون فيلا (16) وذات رصيد وست بروميتش، علماً أنّ معظم هذه الأندية تملك لاعبين لديهم تاريخ تهديفي لا يمكن إنكاره كالبلغاري ديميتار بيرباتوف والإسباني روبرتو سولدادو وجيرمين ديفو والبلجيكي الواعد كريستيان بينتيكي والمخضرم الويلزي كاريغ بيلامي وغيرهم الكثيرين.

ومما لا يدع مجالاً للشك فإنّ سواريز قد أثبت فعلياً أنّه أهم عناصر الفريق حالياً ولا يمكن لليفربول الاستغناء عنه مهمّا كلّف الثمن إذا ما أراد المنافسة على بطولة الدوري هذا الموسم أو حتى احتلاله لأحد المراكز الأربعة المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، ولكن أهمية سواريز الفنية وأداءه غير العادي قد تصبح ذات مفعولٍ عكسي على جماهير النادي المتيمة بعشق اللاعب، ذلك لأنّ ما يقدمه سواريز سيعدّ مكسباً لأيّ نادٍ قد يفكّر في إضافة عنصر مهم لتشكيلته الحالية ويبدو بأنّ العامل الأكثر تأثيراً للطمع في سواريز يكمن بإمكانية مشاركته في دوري أبطال أوروبا إذا ما أراد الرحيل عن ليفربول في الشهر المقبل.


المصدر